الاثنين، 18 يناير 2016

تأثير شبكة الإنترنت على تطور الأداء المؤسسى


تأثير شبكة الإنترنت على تطور الأداء المؤسسى
ندى الزرقانى
بتكليف من د/ السيد السعيد


أصبح الماضى فى متناول اليد، والحاضر يعلمه الجميع، والمستقبل القريب يتوقع حدوثه، أمّا المستقبل البعيد فلا حدود له!

هكذا أصبح العالم بعد حدوث ثورة هائلة فى مجال تكنولوجيا المعلومات فى تسعينات القرن الماضى.
انتهى القرن معلنًا عبور الكون أجمع من بوّابة زمنية نقلت الجميع من عالم كبير إلى قرية صغيرة يتقارب كل سكّانها.
أثرت هذه الثورة على كافة مجالات الحياة التى تمس المواطنين والمؤسسات والدول، وكشفت عن مصطلحات جديدة لم تكن متواجدة من قبل، مثل "العولمة" والتى هى شكل من أشكال تبسيط العلاقات واعتبار العالم وحدة واحدة متجانسة، و"تقنية المعلومات" وما تحتويه من تخزين المعلومات واستخدامها ونقلها إلكترونيًا، و"الإنترنت" وغيرها.

 Internet
وفيما يختص بالإنترنت على اعتباره جزء أساسى من موضوع المقال، فجدير بالذكر أن أصل الكلمة يرجع إلى الكلمات الإنجليزيةINTERnational NETwork، وتعنى: شبكة المعلومات العالمية، وتم اختصارها لتصبح “Internet”.
بينما فكرة الإنترنت نفسها هى فكرة عسكرية، تعود إلى عام 1969 عندما أنشأت الولايات المتحدة شبكة "أربا" لتداول المعلومات بين القادة العسكريين.
بعد ذلك وعلى مدار السنوات والعقود التالية، اتسع استخدام الإنترنت ليشمل المؤسسات والأفراد.

 المؤسسات
وبالنسبة للمؤسسات، فقد انتقلت بدخول الإنترنت نقلة هائلة من العمل اليدوى إلى العمل الإلكترونى، الذى وفر المال والجهد وقرّب المسافات.

أصبحت المؤسسات الآن تمتلك قواعد بيانات إلكترونية، مما وفّر مساحات تخزين كبيرة جدًا، وسهّل عملية البحث والحصول على أى معلومة أو أى ملف فى وقت لا يتعدى الدقيقة الواحدة، مع توفير نسخ احتياطية Backup من كل البيانات؛ مما يجعلها آمنة من أى ضياع أو تلف.

كما أتيحت إماكنية العمل الجماعى على ملفات واحدة فى وقت واحد، مثل تطبيق "جوجل درايف"Google  Drive الذى يسمح للمستخدمين بالعمل من أى مكان فى العالم، ويمكنّهم من تخزين ومشاركة عدد لامحدود من الملفات والتعديل على أي منها دون حدوث فوضى أو التباس.

كما سهّل وجود الإنترنت عملية تواصل المؤسسة مع جمهورها الداخلى والخارجى.
فبدلاً من عقد اجتماعات مطوّلة أو طباعة لائحة تحتوى على بيان ما، أصبح من الممكن إرسال رسالة بالبريد الإلكترونى لجميع العاملين بضغطة واحدة؛ مما يضمن وصول البيان إلى الجميع بسهولة ويسر.
بالإضافة لإمكانية إجراء مقابلات عمل أو اجتماعات صوتية أو مرئية عن بُعد عن طريق أنظمة الـ Audio/Video Conference التى تتوافر من خلال تطبيقات مختلفة مثل تطبيق "سكايب" الذى يمكن استخدامه حتى عبر القارات.

وبفضل الإنترنت أصبحت العلاقة المتبادلة بين الشركات وجمهورها الخارجى تتم بطريقة أكثر مباشرة وسهولة لكلا الطرفين.
فأغلب المؤسسات حاليًا تمتلك موقع إلكترونى خاص بها أو صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة على الشبكة العنكبوتية مثل "فيسبوك" و"تويتر" و"جوجل بلس"، تقوم من خلالها بعرض ماتريد توصيله إلى الجمهور.
ومن جهة أخرى، تستقبل التغذية المرتدة من الجمهور من خلال البريد الإلكترونى أو التعليقات المباشرة والفورية.

 LinkedIn
وفى هذا الإطار لا يُمكن مرور الحديث دون التطرق لموقع "لينكد إن" LinkedIn الذى يُعَد أكبر موقع تواصل اجتماعى مصمم خصيصًا للمهنيين ومجال الأعمال.
فمن خلاله تقوم الشركات بإنشاء حساب إلكترونى عليه باسم الشركة، وتزوده بكافة البيانات والمعلومات التى تخصها.
وكذلك الأفراد، يمكنهم إنشاء حسابات خاصة بهم تحتوى على سيرهم الذاتية ومؤهلاتهم العلمية وخبراتهم المهنية، ويمكنهم متابعة الشركات أو المؤسسات التى يهتمون بنشاطاتها، وتستطيع تلك المؤسسات الإطلاع على كافة السير الذاتية؛ مما يعنى توفير قاعدة كبيرة من البيانات عن الكفاءات التى تستطيع الشركة اللجوء إلى أي منها فى حالة وجود وظائف شاغرة لديها؛ الأمر الذى وفر تكاليف إعلانات نشر الوظائف ووفر أوقات وجهود البحث والتنقيب عن تلك الكفاءات.

إن آثار الإنترنت لم تتوقف عند الجانب الإدارى والوظيفى للمؤسسات فقط، بل امتدت أيضًا إلى الجانب التسويقى لها.
فقد فتحت نوافذ جديدة للتسويق عن طريق الصفحات والمواقع الإلكترونية، وبالتالى الوصول إلى أكبر قدر من الجمهور المستهدف مهما بعدت مسافته.
كما ظهرت العديد من الشركات الافتراضية التى نشأت وليس لها أى مواقع على أرض الواقع، وإنما تدير كافة أعمالها وتعاملاتها من خلال شبكة المعلومات العالمية.

 مثال
ومن الأمثلة على الشركات التى شهدت تطورات ضخمة نتيجة لتوافرشبكة المعلومات هى "الشركة المصرية للاتصالات" التى يرجع تاريخ إنشائها إلى أكثر من مائة وستون عامًا.
فعلى سبيل المثال، أصبحت هناك شبكة اتصال إلكترونية داخلية تربط العاملين بها بعضهم ببعض، مما يسر عملية التواصل بينهم؛ وبالتالى وفّر من وقت العمل وجهد العاملين.
كما أنشأت موقعًا إلكترونيًا يزوّد المستخدمين بشروحات مفصلة لكل العروض والخدمات التى تقدمها الشركة.
بالإضافة إلى أنها تتواصل مع عملائها عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، مما سهّل عليها تلقى الشكاوى والمقترحات لتحسين وتطوير الخدمات المقدمة.
ولم تكتف بذلك، بل أنشأت شركة "تى إي داتا" التابعة لها، والتى هى الآن من أكبر شركات تزويد خدمة الإنترنت فى مصر.

وهناك العديد من الأمثلة والشواهد على تأثير شبكة المعلومات الدولية على تطوّر الأداء المؤسسى، ودورها فى تعزيز قدراتها التنافسية والتسويقية وإدارة الأزمات.

و ختامًا يمكننا القول بأن الإنترنت هو بمثابة العصاة السحرية التى فتحت أبواب التطور والإبداع اللامحدود لدى المؤسسات، ومكنّتها من أداء أعمالها بأساليب فائقة السرعة والدقة وعالية الجودة.