الأحد، 1 سبتمبر 2019

هادم الأساطير

لم أعد طفلة، لكني ما زلت أتذكر وجهه الشاحب وجسده النحيل، أتذكر عويناته وعينيه الجاحظتين المذعورتين من شبح يراه أو فيروس مجسد يطارده.
كنت أخلط بينه وبين كاتبه، فكلاهما امتهن الطب، وكنت أشعر أن كليهما الوجه الآخر للآخر. فبداخلنا جميعًا جانب خفي وطفل عجوز يناجي أمه ولم يعلن هذا.
قد لا أكون أعرف الكثير عن حياة د. أحمد الشخصية، لكني أعلم أنه يشبه د. رفعت إسماعيل كثيرًا، بما فيه من فنتازيا ومحاولات لإنقاذ العالم من الضياع.

لم أكن أعلم أن طنطا هي موطن ولادته، لكن ما عرفته أنه يأخذني إلى عوالم ما وراء الطبيعة، وكنت أراها تتجسد بكل غرائبها كأنني أشاهد صورًا سينمائية، أو عبرت جدار هذا العالم لأخوض معه أهواله المرعبة.

هو أول من لفت انتباهي إلى عجائب الرقم 7 في السماوات والقارات وألوان قوس قزح، وهو السبب في حبي وتقديسي لهذا الرقم.
لم يكن مجرد عرَّابًا، بل كان ساحرًا متنبئًا وهادمًا للأساطير كما شعرت بعد قراءة يوتوبياه التي هدمت بداخلي أسطورة أفلاطون في معايير المدينة الفاضلة.

لا أعرف لماذا اعتقد أن صدأ الأعوام يغلفه، ولم أرض أبدًا بذلك، فدائمًا أرى أن ما يغلفه هو بريق البصيرة والحب والحكمة.

وإن كان د. رفعت قد مات في الرواية الأخيرة، فأحمد خالد توفيق لم يمت في 2018، بل عبر إلى ذلك العالم، وهما الآن معًا، يعيشان تجارب مرعبة وممتعة جديدة لن نقرأها.

صورتي مع صفحة ونس من جريدة الطريق التي نشر بها مقالي يوم الخميس 29-8-2019